تبدأ هذه الرؤية من المجتمع اليمني وتنتهي إليه فهي تمثل القاسم المشترك لحاجاته والقضايا المشتركة التي طالبت – ولازالت – بها مختلف القوى السياسية اليمنية وهي تعبير عن طموح اليمنيين بمختلف مشاربهم كما أنها متاحة للشعب اليمني بكل فئاته للمشاركة في تطويرها على نحوٍ متواصل ومستمر كي تستجيب لرغبة وحاجة المواطنين في التغيير وفرض العدالة وسيادة القانون والقضاء على سوء الإدارة وضعف الحوكمة والنهوض بالأداء الاقتصادي والمرافق الخدمية وإصلاح القضاء والأجهزة الأمنية وتوفير العدالة الاجتماعية لإحداث نقلة نوعية لليمن تعبر عن تطلعات الشعب نحو التحول الاجتماعي والاقتصادي والديمقراطي وتحريك عجلة التنمية.
هذه الرؤية الوطنية بمثابة نداء الواجب لجميع اليمنيين لحشد كل الطاقات لوضع اليمن على مسار التنمية المستدامة بحيث تعتمد نهجاً تطلعياً في الغايات والسياسات والأهداف والبرامج وعلى الجميع مؤسسات ومرافق وأجهزة ونخب وقيادات في الدولة وفي الأحزاب والمنظمات ومختلف شرائح المجتمع أن يكونوا واثقين من القدرة على الاستفادة من تجارب ودروس الماضي، و تجارب الآخرين الناجحة الماثلة أمامنا خير دليل وأهمها تجربة دولة رواندا التي شهدت حربا عرقية طاحنة مورست خلالها أبشع المجازر فيما نراها اليوم في مصاف الدول الافريقية الاكثر نموا خلال فترة أقل من عشرين عاما وفقا لرؤية واضحة أسهمت في إحداث تغييرا جذريا ملفتا.
تتضمن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة عددا من المحاور أبرزها المصالحة وتحقيق السلام وأسس بناء الدولة والحكم الرشيد والحكم المحلي والحقوق والحريات و البناء الاجتماعي والهوية والثقافة والاقتصاد والزراعة والتنمية الادارية والبناء المؤسسي والأمن والقضاء والرقابة والوصول للعدالة والإصلاحات التشريعي والخدمات الاساسية والبنية التحتية والسكان ومكافحة الفقر والأمن القومي والسياسة الخارجية والبيئة والتنمية العمرانية كمحاور رئيسية وفرعية لمواجهة أبرز التحديات الوضع الراهن التي تواجه اليمن والتي سيأتي سردها لاحقا، ومنها تأتي أهمية هذه الرؤية في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ اليمن.
تمثل هذه الرؤية مشروعا جامعا لمواجهة التحدي الأبرز المتمثل في حوار اليمنيين فيما بينهم لبناء الدولة اليمنية الحديثة لتجاوز الصراعات السياسية نحو البناء والتحول نحو التنمية والتطور والتقدم كونها لا تعبر عن تيار أو توجه بعينه بقدر ما تعبر عن اليمن كل اليمن وعن الهوية اليمنية الموحدة التي انتصرت على العديد من التحديات على مر التاريخ وهو ما سيتكرر اليوم بروح من التماسك الاجتماعي بين المواطنين مدعوم بدولة وقيادة سياسية قادرة وذات إرادة.